س1042: نحن في سوريا نفتقد العلماء العاملين والمنهج السائد هو الصوفية، وجميع العلماء تقريبا موالون للنظام .. وأنت تعلم أن الكثير من خطباء المساجد هم حزبيين .. وأن الدخول لكلية الشريعة يتطلب أن يكون المنتسب للكلية حزبي و بذلك ينتسب للكلية بعلامات أقل كثيراً من غير الحزبي وبالتالي فقد اختلط الأمر وأصبحنا نرى في كل يوم شيخ يتحدث بحديث غير منطقي بل إن بعضهم يروي أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قالها له في المنام .. والسلفية محاربة بل إن عقوبة من يقول أنه سلفي هي السجن لمدة ستة أشهر .. فما هي رسالتكم للشباب السوري في هذه المحنة و بم تنصحوننا وكيف نأخذ العلم في هذه الحالة وممن .. وجزاك الله عن المسلمين خير الجزاء؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. جواباً عن سؤالك أقول: الإسلام .. وكذلك أمة الإسلام .. من قبل واليوم وغداً .. تُؤتَى من قِبل فريقين من الناس؛ أحدهما أخطر من الآخر: علماء السوء الذين باعوا دينهم وآخرتهم بدنيا غيرهم .. وسلاطين الجور والكفر الذين باعوا الأمة برمتها لأعدائها .. واستعدوا الدين وأهله .. حرصاً منهم على شهوة الحكم والملك!
وهذان فريقان حذَّر الإسلام منهما أشد التحذير .. ورغَّب في الفرار منهما فرار السليم من العليل الأجرب، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” ما ازداد أحدٌ من السلطان قرباً إلا ازدادَ من الله بعداً “؛ هذا في السلطان المسلم؛ فكيف بسلاطين الكفر والظلم والردة ..؟!!
وقال صلى الله عليه وسلم:” سيكون أمراءٌ تعرفون وتُنكرون، فمن نابذهم نجا، ومن اعتزلهم سَلِم، ومن خالطهم هلَك “.
وقال صلى الله عليه وسلم عن علماء السوء:” إن أخوفَ ما أخاف على أمتي كلُّ منافقٍ عليم اللسان “.
وفي الأثر عن بعض السلف:” من رأيتموه يعتاد أبواب السلاطين فهو لص “؛ لا يؤتمن على دنيا ولا دين!
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال:” كيف أنتم إذا لبستكم فتنةٌ يهرمُ فيها الكبير، ويربو فيها الصغير، ويتخذها الناسُ سُنةً؛ إذا تُرك منها شيءٌ، قيل: تُركت السنة! قالوا: ومتى ذاك: قال: إذا ذهب علماؤكم، وكثرت قرَّاؤكم، وقلَّت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، والتُمست الدنيا بعمل الآخرة، وتُفُقِّه لغير الدين “.
وإني أرى هذا الوصف الذي وصفته عن الوضع في المجتمع السوري لا يعدو ما ذكره الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه .. فإن سألتم عن العاصم .. فالعاصم في كتاب الله تعالى وفي السنَّة الصحيحة .. وفي فهم الكتاب والسنة على فهم ومنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان .. وفي التماس طلب العلم على أساس هذا المنهج .. وعند من تظنونه على هذا المنهج!
قد يُقال: هناك شح كبير في أهل العلم الذين يراعون هذا المنهج .. والذين يربون الناس على هذا المنهج؟!
أقول: قد عوضنا الله تعالى عن هذا النقص بانتشار كتب السلف .. وأقوالهم .. وسيرتهم .. وبسهولة الوقوف عليها .. وبوفرة الوسائل التكنولوجية التي تُسهل الوصول إلى العلم .. ومعرفة الحق بأقصر الطرق .. وأقل التكاليف .. والتي منها وسائل الاتصال .. والإنترنت وعالمه .. وهذا جانب ينبغي لطلاب العلم أن يستغلوه .. وأضرب مثالاً على ذلك .. مكتبة الشيخ ناصر الدين الألباني .. أو الشيخ ابن العثيمين ـ رحمهما الله ـ السمعية .. والتي تمثل مجموع نشاط الشيخ الدعوي عبر عدة عقود .. يُمكن لطالب العلم ـ لو توفرت لديه النية الصادقة والإرادة والعزيمة ـ أن يقوم بتنزيلها في جهازه في سويعات .. ويقوم بالاستماع إليها وكأنه في حضرة الشيخ!
عقدة الشيخ .. ومن يكون شيخك .. وعلى يد أي شيخ تعلمت .. لم تعد موجودة في هذا الزمان مع وجود هذه الوسائل التي تُسهل الاتصال والطلب .. وهذا لا يعني التقليل من قيمة الشيخ المعلم المخلص المجاهد .. فهذا إن وجد ـ وما أقلهم في هذا الزمان ـ فعض عليه بالنواجذ .. ولكن من دون أن تؤلمه .. أو تخونه .. أو تغدر به .. أو تكفرَ معروفه وفضله!!
ولمزيد من الفائدة ننصح بمراجعة كتابنا ” مذكرة في طالب العلم “، فعسى أن تجد فيه ما يُغنيك .. وما لم أذكره لك في جوابي عن سؤالك هذا.
كان الله في عون أهلنا الأحبة في سورية الحبيبة .. وجعل الله لهم فرجاً ومخرجاً واسعاً وسريعاً مما هم فيه من الكرب .. وضنك العيش .. اللهم آمين.
Facebook Comments Box