تساؤلات حول نصيحة لكتائب القسام
س273: الفتوى الأخيرة التي ذكرتها في حق كتائب القسام في فلسطين .. أثارت تساؤلاً حول من يحق له أن يفتي لأهل الثغور ..؟!
فحينما صدرت فتاوى في حق أحداث 11 سبتمبر .. قالوا: أهل الثغور ـ يعني الشيخ أسامة والقاعدة ـ هم أدرى بأحوالهم .. لماذا لا تنطبق هذه القاعدة على كتائب القسام ..؟
أليسوا هم أهل ثغر، وهم أدرى بحالهم وطريقة عملهم .. ومن تاريخهم الطويل في الجهاد .. لا يحق لنا أن نتكلم في وضعهم إذا لم نكن معهم في الساحة ..؟!
الجواب: الحمد لله رب العالمين. أجيب على هذا السؤال في النقاط التالية:
أولاً: المقال المعنون بـ ” ما هكذا يكون الجهاد يا كتائب القسام ” ليس فتوى بمعنى الفتوى .. وإنما هو عبارة عن نصيحة غيور مشفق .. وتذكير بمسائل كلية متفق عليها بين جميع علماء الأمة .. رأيت أنه لا بد من تذكير الإخوان بها.
ثانياً: يجب أن يُعلم أن أهل الثغور وغير أهل الثغور .. يجب عليهم أن يحتكموا إلى الكتاب والسنة .. ويلتزموا بالكتاب والسنة .. في جميع شؤون دينهم ودنياهم .. وما يحصل بينهم من تنازع، كما قال تعالى:) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ (. فأهل الثغور غير مستثنين من هذه القاعدة ..!
ثالثاً: المقولة: بأن أهل الثغور هم أدرى بأحوالهم .. ليست قاعدة .. وليست هي نصاً شرعياً .. وهي ليست على إطلاقها، ولكن الذي يمكن أن يُقال: أن ما يتعلق بمصالح الجهاد .. مما يخضع للاجتهاد .. فإن أهل الثغور أدرى بذلك من غيرهم فهذا قول معتبر، مثال: أن يقع أسرى من العدو بأيدي المجاهدين .. فهم في الخيار بين الأسر، والقتل، والفداء .. وهم أدرى من غيرهم بأي الخيارات يُعمل .. وكذلك ما يتعلق بتوسيع دائرة القتال أو تضييقها .. وهل يُبدأ بهذا أم بذاك .. فهذه المسائل ونحوها يُقال فيها: أهل الثغور أدرى بالمصلحة فيها من غيرهم.
وهذا لا يعني أن ننفي ميزة فهم لعلماء الثغور على من سواهم من العلماء، لقوله تعالى:) وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (. ولكن هذا لا يستلزم بالضرورة أيضاً أن يكون علماء الثغور أعلم بكل شيء ممن سواهم من العلماء ..!
رابعاً:المجاهدون كغيرهم يُخطئون .. وفي حال لم يوجد من علماء الثغور من ينصحهم ويوجههم للصواب .. يتعين على كل من يعلم الحق ـ فيما قد اخطأوا فيه ـ أن ينصحهم .. ويبين لهم الحق والصواب فيما قد أخطأوا فيه .. والذي يقول أن النصيحة للمجاهدين حكر على علماء الثغور .. فعليه بالدليل .. وأنّى!
خامساً: كثير من العلماء .. كالأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الأمة كانوا يفتون المجاهدين، وأهل الثغور .. ولم يكونوا هم وقتها من أهل الثغور .. وما أكثر الأدلة على ذلك لو أردنا الإحصاء!
سادساً: كم من حركة جهادية ـ في زماننا المعاصر ـ ابتدأت في سبيل الله .. وانتهت في سبيل الطاغوت .. ولصالح الطاغوت .. تحت عنوان أهل الثغور أولى وأعلم .. ولا يحق لغيرهم أن يتدخل .. أو ينصح .. أو يبدي رأياً ..؟!!
سابعاً: رد الحق واحتقار الخلق .. تحت عنوان نحن من أهل الثغور فمن أنتم لا أم لكم .. هو عين الكبر .. نعيذ إخواننا المجاهدين من هذا الخلق أو أن يقعوا فيه!!
ثامناً: مشكلة وأيما مشكلة أن يُلزم كل امرئٍ يريد أن ينصح الأمة أو طائفة من الناس .. بأن يقدم بين يدي وقبل، وبعد كل نصيحة .. بذكر تعريف عن نفسه وسيرته، وجهاده، وحسناته .. ليُنظر فيها .. وبعد ذلك يُقرر هل تُقبل نصيحته أم لا ..؟!!
تاسعاً: لو جاء مقالي عبارة عن إطراء ومديح وتأييد لما تقوم به كتائب القسام .. هل كان سيُقال لي: أهل الثغور أولى وأدرى بحالهم .. لا تتدخل بهم؟!!
عاشراً: عند التأمل نجد أن كثيراً من قيادات حماس ـ الموجهين والمفتين الأساسيين لكتائب القسام ـ ليسوا من أهل الثغور .. كالذين يعيشون ـ بعد تنسيق واتفاق مع النظام الطائفي النصيري ـ في سوريا وغيرها .. فهل يُقال لهم ما قيل لنا .. أم أن الولاء الحزبي يستلزم أن نقبل النصيحة والتوجيه من قيادة الحزب دون غيرهم ..؟!!
كنا نود أن يُقال لنا أخطأت والصواب كذا .. والدليل عليه كذا .. لنشكر الإخوان على نصيحتهم لنا .. ولكن لما لم يجدوا ما يؤخذ علينا ولله الحمد .. قالوا: نحن كذا .. وكذا .. فمن أنت .. وهذا ليس بعلم .. وليس بمثل هذا تُرد النصيحة وتُقابل؟!!
فإن قيل: النصيحة لا تكون على الملأ ..!
أقول: الخطأ الذي يحصل على الملأ .. وتتناوله وكالات الإعلام العالمية .. ويقف عليه كل إنسان .. لا يمكن أن يُعالج بالسر والكتمان .. وعبر قنوات محددة .. هذا إن تيسر الوصول إلى تلك القنوات!