س327: أنا شاب كنت منذ نشأتي محباً لأهل الحق، ومحباً للجهاد، ولكن مرت علي فترة اقترفت فيها من الذنوب والمعاصي .. والآن مع شغفي بالعلم وطلبه، ومحبتي في تحصيله، وثني الركب على العلماء، والدعوة إلى الله أجدني منكسراً، ولا أخفي إن قلت لدي يأس بأن أكون ممن يختلطون بأهل العلم، ويعلمون الناس؛ وذلك من الذنوب الماضية التي لا أرى نفسي بسببها أني من الدعاة أو أصل إلى درجة أعظ الناس .. حتى أني اخترت طلب العلم والانطواء واعتزال الناس ..!
فيا شيخ .. ارشدني بما عندك من علم بالكتاب والسنة .. ما هو السبيل .. وكيف أعيش مع العلم وأدعو إلى الله وأنا كما ذكرت لك سابقاً .. مع ما أجده من وسوسة في نفسي من الشيطان .. تمنيت أني لم أخلق من قبل .. نصركم الله على عدوكم، وثبتكم، وحفظكم، وبارك في علمكم ..؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. قد ضحك عليك الشيطان مرتين: مرة لما أوقعك في الذنب .. ومرة لما أقعدك ـ بذنبك ـ عن الدعوة إلى الله تعالى .. والثانية أسرَّته أكثر من الأولى!
يأسك هذا الذي أنت فيه أخشى أن يكون أشد ذنباً مما وقعت به من ذنوب .. اليأس من رحمة الله وعفوه .. تألٍّ على الله .. وكفر .. قال تعالى:) إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (.
أنت طالب علم .. وقد قرأت في الكتاب والسنة .. ما يدل على أن التوبة تجبُّ ما قبلها .. وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .. فماذا تريد أكثر من ذلك .. لكي تنهض ..؟!!
حسِّن الظن بالله .. فرحمة الله وسعت كل شيء .. أفلا تراها تسعك وذنوبك .. فمن أنت؟!!
لو كان كل ذنب يلزم أن يُقعد الداعية عن الدعوة إلى الله .. لما قام داعية ـ حاشا الأنبياء والرسل ـ يدعو إلى الله .. ولما بلغتنا دعوة .. ولا علم ..!
لئن تقع في ذنب واحد خير لك من أن تقع في ذنبين: ذنب الخطيئة .. وذنب كتمان العلم .. وعدم الجهر بالحق .. والصدع به في وجوه الظالمين ..!!
تحمل المشاق والبلاء .. من أجل الدعوة إلى الله .. والصدع بالحق .. مما تُكفر به الخطايا والذنوب .. ولا أعلم شيئاً يطهر المرء من الخطايا كالبلاء .. وبخاصة إن كان في الله!
هذا الذي أقوله لك يا أخي .. فاتق الله في نفسك .. وفي دينك .. وأمتك .. وإني لأرجو أن أسمع منك قريباً الأخبار السارة .. وأنك نهضت من ثباتك وعزلتك ويأسك .. وخرجت ـ بعزيمة عالية ـ تدعو الناس إلى الله تعالى وإلى توحيده .. فلئن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم .. والله المستعان.