الاختلاف بين العلماء
س1039: ذكر الشيخ أبو بصير في النقطة الأولى ـ في الجواب عن السؤال أعلاه ـ أن المرجع هو ميزان الكتاب والسنة .. وأن نعود إليهما لمعرفة أين مكمن الحق في جميع أمورنا .. وهذه النقطة لا أتوقع أحدا ينكرها أو يخالفها .. لكن هل لدى كل إنسان القدرة على وزن الأمور وتقديرها واستنباط حكمها من الكتاب والسنة؟
من الصعب أن يدخل كل إنسان ويستخرج من الأحكام ما شاء ثم يقول لنا هذا هو حكم الله وهذا هو الدليل!
ومن يحدد لنا أن هذا الشيخ ضرره أكبر من نفعه أو أنه أخطأ في العقائد والمسائل الكبيرة؟!
هل الحكم على الأشخاص متاح لكل إنسان .. فما رأي الشيخ أبو بصير في هذا الأمر؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. على قدر ما يتمكن المرء من الإلمام والفهم للميزان الآنف الذكر؛ وهو الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان .. على قدر ما تكون أحكامه على الأشياء جيدة ودقيقة ومحكمة .. والعكس كذلك كلما كان إلمام المرء بالميزان المشار إليه آنفاً ضعيفاً كلما كان حكمه على الأشياء ضعيفاً وغير دقيق .. وعلى قدر جهله بالميزان المشار إليه.
ونقول كذلك أن المسائل نوعان: نوع تكلم فيها سلفنا الصالح .. على ضوء فهمهم للكتاب والسنة .. وهذا النوع من المسائل لا فكاك لنا وللأمة من الاتباع .. وقد كفونا فيها مؤنة الاجتهاد .. فجزاهم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء.
ونوع آخر من المسائل يُعد من النوازل التي تستلزم نوع فقه واجتهاد .. هذه المسائل لا يجوز أن يخوض فيها إلا من ألم بمجموع أدلة المسألة وبواقعها .. سواء كان عالماً كبيراً أم صغيراً .. أم طالب علم .. فالشرط الوحيد للخوض في هذا النوع من المسائل هو الإلمام بمجموع أدلة المسألة من الزاوية الشرعية النصِّية .. ومن ثم الإلمام بواقعها.
ويُقال كذلك أن المسائل من حيث الوضوح والغموض نوعان: نوع محكم معلوم من الدين بالضرورة كحرمة الشرك، والزنى، والسرقة، والغدر، والكذب .. ونحو ذلك .. وكذلك كوجوب التوحيد، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت .. وغيرها من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة .. وهذه أمور يحق لجميع المسلمين كبيرهم وصغيره أن يتكلم عن حرمة الحرام منها .. ووجوب الواجب منها.
ونوع آخر من المسائل متشابه .. حمَّال أوجه .. يحتمل الحرمة والإباحة .. ويحتمل أكثر من معنى .. فهذه ينبغي أن تُرد لأهل العلم .. ممن ينتهجون اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح .. إذ لا يجوز لأي امرئ أن يخوض فيها .. والعامة غير ملزمين شرعاً ولا عقلاً أن يخوضوا فيها .. وفيما ليس لهم به علم وسلطان من الله.
كذلك الحكم على الأشخاص: فريق منهم كفره بواح .. معلوم من الدين بالضرورة .. فهذا يجب على جميع المسلمين علماؤهم وعامتهم أن يكفروهم .. ولا يُشترط لتكفير هذا النوع من الكفار .. أن يكون المكفر لهم من العلماء .. كما يزعم البعض!
وفريق آخر إسلامه ظاهر ومعلوم من الدين بالضرورة .. فهذا الفريق كذلك يجب على جميع المسلمين كبيرهم وصغيرهم، عالمهم وعامتهم .. أن يحكموا عليه بالإسلام وأنه مسلم .. له ذمة الله وذمة رسوله.
وفريق آخر كفره متشابه حمال أوجه .. يحتمل الكفر من أوجه .. ويحتمل غير ذلك من أوجه .. فهذا الفريق من الناس الحكم عليه يحتاج لنوع اجتهاد وعلم وفقه وورع .. لا ينبغي أن يخوض فيهم إلا أهل العلم ممن يلمون بمسائل الكفر والإيمان على منهج واعتقاد أهل السنة والجماعة .. وعامة المسلمين عليهم أن يُراجعوا هذا الفريق من العلماء فيما أشكل عليهم من كفر أولئك المتشابه كفرهم .. إن استدعت الضرورة والحاجة إلى ذلك.
ونحو هذا الفريق .. شيوخ يغلب عليهم الابتداع والضلال والانحراف .. فهؤلاء كذلك يُسأل عنهم ـ من كان يجهل صفتهم وحكمهم ـ مَن تقدم ذكرهم من أهل العلم ممن ينتهجون اتباع الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.
بهذا أجيب عما تقدم من أسئلة الأخ .. والحمد لله رب العالمين.