س1044: هل يُعتبر العمل كسفير لحكومة مرتدة كفراً .. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. لكي نعرف الحكم الشرعي فيما تمَّ السؤال عنه؛ لا بد من معرفة واقع مهام السفير الموكلة إليه، والدور الذي يمثله بالنسبة للدولة أو الحكومة التي ابتعثته كسفير ومندوب ينوب عنها في الدولة الأخرى.
أقول: مما هو معلوم لدى الجميع أن السفير يُمثل شخص الحاكم الذي ابتعثه، ونظامه، وسياسته، وسياسة حكومته .. إذ لا يُمكن للسفير أن يخرج قيد أنملة عن السياسة التي ترسمها له حكومته، ويرسمها له الحاكم الذي ابتعثه، ولو فعل سرعان ما يُقال ويُعاقب.
أضف إلى ذلك فإن السفارة تحتوي على اختصاصات ومهام عديدة، منها: الملحق العسكري، والملحق الأمني التجسسي، والملحق الثقافي، والملحق الاقتصادي أو التجاري .. وهذه الاختصاصات والمهام والملحقات يرأسها ويديرها شخص السفير؛ أي أن السفير يرأس دولة وحكومة مصغرة مقرها مبنى سفارته نيابة عن حكومته الكبيرة في بلده!
فإن عُلم ذلك عُلم بالضرورة أن السفير الذي يُندب كممثل لحكومة كافرة عميلة مرتدة، أنه يأخذ نفس حكم الحاكم الكافر المرتد، ونفس حكم نظامه الكافر المرتد، وجميع الأدلة ذات العلاقة بناقض الموالاة، وناقض الرضى بالكفر، وناقض الحكم بغير ما أنزل الله ـ والتي بها حُكم بكفر وردة الحاكم الذي ابتعثه وكفر وردة نظامه ـ تُحمل على شخص السفير.
فإن أضيف إلى ما تقدَّم ذكره أن بعثت هذه الحكومة الكافرة المرتدة سفيرها كممثل ومندوب لها في بلد مسلم استولى عليه الغزاة المعتدين .. ويخضع لسيطرتهم وحكمهم ونفوذهم ـ كالعراق مثلاً ـ فهذا كفر زائد وإضافي عما تقدم ذكره؛ لأن وجود هذا السفير ممثلاً لحكومته المرتدة في تلك البلدة التي غزاها الكافر المستعمر، يعني أموراً عدة يُدركها الصغير والكبير، منها: الاعتراف بشرعية الغزاة المستعمرين .. وشرعية غزوهم لبلاد المسلمين .. ودعم وجودهم في بلاد المسلمين .. ومنها: الاعتراف بشرعية الحكومة العميلة التي اصطنعها الكافر المستعمر على عينه، لتحقيق مآربه وسياساته العدوانية في بلاد المسلمين .. ومنها: أن وجود هؤلاء السفراء ـ في بلد كالعراق ـ ما هو إلا مقدمة وطليعة تمهد وتسبق عملية إرسال جنود وعسكر تلك الحكومات الكافرة المرتدة العميلة لتحل محل جنود الكافر المستعمر إذا ما انسحبوا بجنودهم وبقوا بنفوذهم وسياساتهم وأطماعهم .. إذ ـ في الغالب ـ لا يمكن إرسال الجنود إلا بعد أن يكون لهؤلاء الجنود سفارتهم التي ترعاهم وترعى مصالحهم .. فمن هذا الوجه بل والأوجه العدة الآنفة الذكر ـ إضافة إلى ما تقدم ذكره في أول الجواب ـ فإن كفر السفير يتضاعف ويتغلظ .. ويُصبح كفره مُغلَّظاً، وردته مغلظة .. تُحمل عليه أحكام الردة المغلظة لا المجردة.
فإن قيل: السفير رسول .. والرسل آمنة لا تُقتل .. حتى لو كانوا مرتدين؟
أقول: من خلال ما تقدم ذكره .. نُدرك أن مهام السفير تتعدى حدود مهام الرسول .. وعلى افتراض أنه رسول .. فهو ليس رسولاً إلى المسلمين والمجاهدين، وإنما هو رسول من حكومة كافرة عميلة مرتدة إلى حكومة كافرة عميلة مرتدة .. وبالتالي فالمسلمون والمجاهدون في حلٍّ من أمانه وتأمينه، والله تعالى أعلم.
Facebook Comments Box