موقع ملتزم بالتحاكم إلى الكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح بعيداً عن التعصب

تعليق لقول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بخصوص الحكم بما أنزل الله

0 233
س1072:  قال ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة 5/130): ولا ريب أن مَن لَم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر، فمن استحل أن يحكم بين الناس بما رآه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لَم ينـزلها الله ـ سبحانه وتعالى ـ كسوالف البادية، وكأمر المطاعين فيهم، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة!… [وكثير ] من الناس أسلموا، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار وإلا كانوا جهالاً كمن تقدم أمرهم ” انتهى كلامه.
فزعم البعض من هذا الكلام لابن تيمية : أنه لا يكفر مشرع القوانين الوضعية إلا بالاستحلال , فمن شرع وجعل تشريعه دستوراً يمشي الناس عليه يعتقد أنه ظالم في ذلك وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة فإننا لا نستطيع أن نكفر هذا .. فما هو توجيهكم؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين. ليس في كلام شيخ الإسلام أعلاه حصر كفر الحاكم بغير ما أنزل الله أو المشرع القوانين الوضعية بالاستحلال؛ بمعنى أنه لا يكفر إلا إذا استحل .. فهذا الاستثناء الذي يفيد الحصر والقصر لم يقله شيخ الإسلام كما ورد في السؤال!
ويُقال كذلك: أن العمل أحياناً يكون دليلاً على كفر الاستحلال وإن لم يصرح صاحبه بلسانه أنه مستحل لهذا الكفر .. فهذا الذي يُشرع الشرائع المضاهية لشرع الله .. ومن ثم ينظمها في قوانين .. ويفرضها على الناس .. ويلزمهم بها .. ويُعاقبهم على مخالفتها .. ويُكافئهم على الالتزام بها .. فهذا مستحل للحكم بغير ما أنزل الله .. وإن لم يُصرح بلسانه بالعبارة الدالة على الاستحلال .. فهو قد شهد على نفسه بالكفر من خلال أعماله ومواقفه .. وفي كثير من الأحيان يكون أصدق تعبيراً عن كفر صاحبه من تعبير اللسان، كما قال تعالى:) شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ (التوبة:17. أي بحالهم وأفعالهم.

ويُقال كذلك: في مثل هذه القضايا الكبرى لكي يُعرف مذهب عالم من العلماء فيها بحجم شيخ الإسلام .. لا بد من الوقوف على مجموع أقواله في المسألة التي تفسر بعضها بعضا .. ويُرد المتشابه من أقواله إلى المحكم .. ليحسن تفسير المتشابه وفهمه .. ولو فعل ذلك هؤلاء الذين تنقل عنهم هذا القول لفهموا مراد الشيخ، ولما اعترضوا ذاك الاعتراض الذي لا يعترضه إلا كل مرجئ جهمي!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.